السبت، 1 ديسمبر 2018

نحو فن اسلامي فقير



غروتوفسكي

س : ماذا تقصد بالفن الاسلامي ؟
ج : كل عمل يتكامل به الانسان وللتفصيل انظر هنا :
http://m7mdi1.blogspot.com/2018/10/blog-post.html


جاء في احدى المقالات :
" شهدت شاشة السينما العالمية حتى الآن 250 فيلما سينمائيا متعلقا بالمسيح (ع) و120 فيلما متعلقا بموسى (ع) إضافة إلى 40 فيلما حول بوذا وما يقارب 89 فيلما عن باقي الأنبياء من ضمنهم نبي الله إبراهيم(ع)، يوسف (ع)، وداوود(ع). لكن تاريخ السينما لم يشهد سوى فيلمين عن نبي الرحمة محمد(ص)، فيلم "الرسالة" سابقا وفيلم "محمد رسول الله"حديثا . "

ومع هذه الانتكاسة ، ظلت الشكوى جزء من هذا المشهد : اين اهل الاختصاص ، اين التجار ، اين الدول .. اين اين الخ

وظلت المسألة بلا حل بسبب تعقيد الصناعة السينمائية ، وحاجتها الدائمة لميزانية ضخمة ، فتكون النتيجة ان المتدين لا يجد فريق عمل سينمائي يتطوع للاعمال الدينية او لا يجد المال الكافي لمثل هذه الصناعة ( ميزانية توي استوري اعلى من ميزانية الفيلم الايراني محمد رسول الله الذي كان الاضخم بتاريخ السينما الايرانية)

ولكن ماذا لو فكرنا بصناعة الامور البسيطة بدلا من الامور المعقدة ؟
بمعنى : لماذا لا نواجه التعقيد بالتبسيط ؟

فالمتأمل لطبيعة الشعائر الحسينية على سبيل المثال ، يجد ان البساطة احد خصائصها الرئيسية ، فكتابة قصيدة لا تحتاج الا لرجل واحد ، وقياس نجاح قصيدته بسيط ايضا ، مجرد دمعة
والقصيدة سريعة التأثير والحفظ والنقل ، ولعل بساطتها سر استمرارها حتى في اكثر اللحظات قمعا ، فقد سألت من عاصر الفترة الصدامية عن طريقة حفاظهم على القضية الحسينية ، فقال : كنا نأتي بالناعي ونجلسه في ابعد غرفة عن الشارع ونستمع لنعيه ( وجمال الصوت اداة بسيطة ايضا ) .
ثم نلاحظ بالاضافة الى الشعر والصوت , استخدام العنصر الجسدي في التشايبه , فماذا لو طورنا هذا العنصر لتحقيق عمل مسرحي متكامل ؟
فالمسرح هو اقرب الصور الى السينما
, وتمتاز الى حد ما بالبساطة بالاضافة الى تأثيرها المستمد من الاتصال المباشر ، (ويقال ان ترامب استطاع كسب شعبية في حملته الانتخابية من اقامة خطب بين الناس - اتصال مباشر - بينما كانت القنوات الاعلامية مستمرة في الهجوم عليه ) وبذلك يكون الهم بعد تحضير المسرحية هو تكثيف العروض بين الجمهور


ولكن أليس المسرح مكلفا ومعقدا ايضا ؟
الا يحتاج الى ممثلين و خشبة مسرح
و اضاءات و موسيقى و ازياء و مكياج
؟

الجواب : لا يحتاج العرض المسرحي الا الى :
ممثل + جمهور
ويمكن استبدال الاضاءات بالشموع او باضاءات المستخدمة في اعمال البناء
و الموسيقى بالايقاع الفموي او القرع على الارض والجسد او الموسيقى المنتشرة في اليوتيوب ,  اما الازياء فيمكن للمثل ارتداء اي شيء من ملابسه الاصلية , وبذلك صرت قاب قوسين من المسرح الفقير

المسرح الفقير

انشئ جيرزي غروتوفسكي في عام 1959 مختبراً للمسرح , محاولاً الاجابة على بضعة اسئلة من خلال التجارب التمثيلية والادائية .
ماهو المسرح ؟
ما الذي ينفرد به عن باقي الفنون ؟
ما الذي يستطيع المسرح فعله ويعجز عنه المسرح والتلفزيون ؟
ويبدو مع انتشار النزعات المادية , اراد غروتوفسكي جعل مختبره المسرحي أداة لمناهضة المادية ايضا , وذلك من خلال ( العودة الى الاصول ) فيعود المسرح لعنصره الذي لا يمكن الاستغناء عنه ( الممثل والجمهور )
وفي ان يزيل الممثل – كما زال عن المسرح – كل صفاته الغير الجوهرية في الاداء
فلا يبقى معه الا جسده واتصاله مع نفسه , فالاولوية بالنسبة لغروتوفسكي هو الممثل الذي يرجع لذاته لاكتشاف حقيقتها , ويترك رواسبها , اي نوع من انواع ممارسة " التخلية " . وهو يقوم بذلك لا لاجل المال بل لاجل الحقيقة هكذا يصير ممثلا مقدسا , بينما يكون من يسلم جسده للمخرج والمنتج لاجل المال ممثلا عاهرا حسب وصفه
ولكن ماذا عن الجمهور ؟
عرض مسرحي لغروتوفسكي حيث يكون الممثل على الطاولة , والجمهور على الجانب 

يشير غروتوفسكي بأن الابتعاد عن خشبة المسرح يسمح بايجاد تنويعات كثيرة مع الجمهور , مع اقامة عمل يمس الافكار الكاذبة عندهم , بهدف ان يصل الجمهور ايضا لحقيقته ورسالته في الحياة لا الى التسلية ! , لذلك بعض عروض غروتوفسكي لا يتجاوز ال 50 فردا لكنهم يمتازون بأنهم على الاستعداد لمحاسبة انفسهم بدلا من البحث عن التسلية .



عرض مسرحي في كنيسة والممثل على الطاولة , لتجسيد فاوست بالعشاء الاخير



يقول غروتوفسكي : " يجب ان يدرك المسرح حدوده اذا لم يستطع ان يكون اغنى من السينما فليكن افقر , اذا لم يستطع ان يكون مسرحا مسرفا كالتلفزيون فاليكن متقشفا , اذا لم يستطع ان يكون جذابا تقنيا فدعه ينبذ كل اشكال التقنية , وهكذا يبقى لنا ممثل مقدس في مسرح فقير "

" ثمة عنصر واحد لا يستطيع الفيلم والتلفزيون سلبه من المسرح الا وهو القرب من الكائن الحي .. لهذا ضروري القضاء على البعد بين الممثل والجمهور .. دع اعنف مشهد يحدث وجها لوجه امام المشاهد بحيث يكون المشاهد على بعد ذراع من الممثل ويستطيع ان يحس بأنفاسه .. "
مسرحية اخرى حيث الممثلين فوق السرير والجمهور بالاسفل 
" في المسرح الفقير لا يعني هذا باقات ورد , وتصفيقا منقطع النظير , بل صمت خاص في الكثير من الفتنة والكثير من السخط ايضا .. "

" المسرح الفقير .. يتحدى فكرة مستوى المعيشة البرجوازية , ويقترح الثروة المعنوية كبديل للثروة المادية .. "

" .. من اين يأتي هذا التجديد - في المسرح - ؟ يأتي من اناس لا يرتاحون لاوضاع معينة في المسرح الاعتيادي  , فيأخذون على عاتقهم خلق مسارح فقيرة .. بتحول المسارح الى معاهد لتثقيف الممثلين .. باختصار انهم عدد قليل من المجانين الذين لا يملكون ما يخشون فقدانه , ولا يخافون العمل المرهق "

فهل يأتي ذلك المجنون ؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق