الأحد، 14 أكتوبر 2018

الفن الاسلامي .. ماهو ؟



- : كيف يمكن معرفة الغاية من الفن ؟
- : بمعرفة غاية الانسان
- : ما هي غاية الانسان ؟
- : الغاية تعرف من خلال ادراك خصائص الشيء , فمن ينظر لخصائص القلم يدرك أنها اساسا اداة للكتابة وليس أداة للطبخ مثلا !
- : فماهي خصائص الانسان ؟
- : الاتي : الجسد , المشاعر , السلوك , العقل , ولكل واحدة من هؤلاء حالة اساسية بأنها " قابلة للتكامل "
- : التكامل ؟
- : نعم , انت حين تنظر الى الشجرة تجد من خلال خصائصها بأن لها كمال / تمام , اي ان الشجرة ممكن ان تصل الى حالة تحكم عليها بأنها اصبحت كاملة
- : تقصد بأنها حين تثمر ؟
- : بالضبط .. ولكن هل نستطيع القول بأن الانسان حين يثمر يكون قد وصل الى كماله ؟
- : انسان يثمر ؟ لا مستحيل فالانسان شيء والشجرة شيء فالخصائص مختلفة
- : جيد , ما هو كمال الجسد ؟
- : الصحة
- : والمشاعر ؟
- لا اعلم
- طيب فالنسأل ماهو كمال العقل
- كمال العقل امممم
- انظر لخصائص العقل , تجد أنه يمارس التفكير فما هو الغاية من التفكير
- الوصول للمجهول !
- اذن هو يقصد الوصول للحقيقة , فكمال العقل هو معرفة الحق
- ماذا عن المشاعر والسلوك ؟
- اذا كانت خاصية المشاعر هو الانفعال , والانفعال يختلف حالته وفق ما يراه الانسان باطلا او صوابا , فمن كمال المشاعر الانصياع للعقل , لذلك الاعتدال هي الصفة الاساسية بالنسبة الى المشاعر , حيث تنتظر ارشاد العقل للانفعال بالشكل المناسب
- ومن الواضح ان الانفعال حالة طاقوية مؤثرة بالسلوك او في تلقي الافكار
- فبما ان المشاعر من خصائص الانسان الاساسية , وبما ان العاقل يريد للانسان ان يتكامل , فاهمال المشاعر هو اهمال للانسانية لذلك وجب على كل عاقل ان يهتم بالفن .
- اذن الفن هو مجال ايصال الانسان للتكامل من خلال الانفعالات النفسية
- نعم فالغاية هي التكامل و شرط النجاح هو تحقيق الانفعال النفسي ( المتعة / الاحساس بالجمال ) , فالمسافر غايته السفر لكن شروط تحقيق الغاية تتضمن اخذ فيزا وتجهيز الحقائب و وو

- ولماذا لا نعتبر ان الغاية من الفن هو المتعة / اللذة / ؟
- لان اللذة ليست غاية الانسان , فهو يفرط بها لاجل امور يعتبرها كمالات حقيقة بالنسبة له , مثل من يترك السهر مع اصدقائه لاجل الدراسة , ويكفي ان ترى بأن الجهات التي تتبنى نشر الاباحية هي تعتمد على هذه الفكرة , اي ان غاية الفن هو نشر اللذة لا التكامل الانساني
- ‏كيف يثير الفن المشاعر الانسانية نحو التكامل ؟
- تستدعي اللامتناهي من خلال المتناهي ، اي تستحضر " الكل " من خلال الجزء
- ‏هل من مثال ؟
- ‏السياب حين وصف دور البغي والعاملات فيه ليلا يقول :
وانسلّت الأضواء من باب تثاءب كالجحيم
اي ان النور الوحيد الذي قد يتدفق في تلك الظلمة هو بداية الجحيم

مثال اخر : اصواتها بحت فهن نوائح .. يندبن قتلاهن بالإيماء
ماعذر من ذكر الطفوف ولم يمت .. بذكر الطاء قبل الفاء
في البيت الاول الانهاك يخطف الاصوات لكن عمق الفاجعة تجعل الاجساد تشير للمصيبة حتى بالحركات الجسدية لكنها حركات المنهك : الايماء
والاخر يشرح كمية الفواجع كافية بقتل الانسان لا بمجرد معرفة كل الاحداث التاريخية بل حتى من قراءة عنوانها

فالفن فياض للمعاني بطبعه فلاحظ مثلا ان الاستعارة تفيض معنين اما الرمز فيفيض اكثر من معنى ..
- هل معنى هذا ان الفن يفوق الحقيقة اهمية ؟
- ‏لا ! لان الانفعال النفسي لا يلزم عنه مطابقة الواقع ، بل هو يأتي بعد معرفة الحق من الباطل ولغة الحقيقة لغة استدلال ووضوح بينما لغة الفن لغة خيال وايحاء ، الحق ثابت وساكن ، الفن يضفي على سكونه الحراك لينتعش بالنفوس

ملاحظات على الفن في الساحة الدينية

من الملاحظ بأن الساحة الدينية الفنية تتضمن عدة ظواهر تستحق وقفة :
1 – هناك جهات تهتم بالتكامل العقائدي والفقهي للانسان ( الحوزة ) , لكنك لا تجد هناك جهات ( ذو قيم دينية ) فنية تهتم بالتكامل الشعوري والانفعالي للانسان
2 – الجهات الموجود تعاني من حالات جمود , فهي تعتبر ان الفن الاسلامي = تجسيد شخصيات اهل البيت , وسيتفرع عن هذا المفهوم حالات :
أ – تحول الى انتاج موسمي خاص بمناسبة مواليد ووفيات الائمة , فالفنان ذو الميول الدينية , يكون بمحرم فنان ديني وبباقي ايام السنة يتحول الى فنان لاديني !
ب – يكون مكان العرض هي اماكن زيارات المتدينين كالحسينيات , فتفرض نظامها على الجمهور : فئة محددة شيعة متدينين , فصل بين جنسين , احكام تخص اللبس الاسلامي للزوار . وجميع هذه القيود تضعف شرائح الزوار واعدادهم , والسؤال المهم طرحه هنا , اذا كانت الحسينيات والمساجد لها جمهور معين ينسجم مع آلياتها وادواتها للتكامل , فأين تذهب الشرائح الاخرى الذين ليسوا من جمهور المساجد والحسينيات ؟
ج – تحول الفن من حالة ابداعية الى حالة نمطية , اللوحات تكرار للتشابيه , والمسرح تكرار للتشابيه , فلم يعد هناك مسرح بل حسينية ممسرحة , ولم يعد هناك فن تشكيلي , بل حسينية تشكيلية !

فما هو الفن الاسلامي ؟
المشكلة بدأت ان الفنان ذو الميول الدينية , عبر عن هويته و فسر نفسه بأن عبارة عن نصوص دينية = ( قرآن , أقوال المعصومين ) , فعليه اذا اراد ان ينتج فناً اسلاميا , سيفكر تلقائياً بالنصوص الدينية وقائلها , وهي ذات العقلية التي يعاني منها البعض في معالجة التحديات الحضارية , فهو يرى نفسه مطالبا بالبحث في النصوص الدينية لتقديم معالجة لمشكلة اجتماعية معاصرة , ويكون مصير الكثير منهم الفشل .

فما هو الحل اذن ؟
ان يعرف الفنان الاسلامي نفسه بأنه عقل بالمقام الاول ونصوص دينية في المقام الثاني ، فالعقل هو الذي يعطي الشرعية للدين لا العكس ، وهو القادر على ارشاد الانسان للفعل المناسب اي للحسن والقبح( الكمال والنقص ) وتدعمه النصوص الدينية، فحينئذ حين يذم الفنان التشكيلي الاجهاض في الغرب او ذم الكذب والظلم بأي مصداق ، وحين يذم الاديب الطمع والحسد بأي مصداق فقد قدموا لنا فنا اسلاميا .
وحين يمدح الشاعر الاخوة ، ويضحك الممثل الناس فقد قدموا فنا اسلاميا

اذن الفن الاسلامي هو الفن الذي يمتدحه العقل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق