الأحد، 31 أكتوبر 2021

الفراغ

 

استلقى الزوج على السرير، وهو يتأمل زوجته التي جلست أمام طاولة المكياج، كي تبدأ جلسة التجميل واستخدام الكريم الأساس الذي اشترته بسبب توصية إحدى خبيرات التجميل في اليوتيوب. 

صار يفكر هل حان موعد الاعتراف ؟


كان الرجل يعاني من ظاهرة غريبة مع زوجته،فهو خلال مرور عام من زواجهما صارت ملامح زوجته تختفي تدريجياً..


فهو يستيقظ في كل صباح ليكتشف أن هنالك جزءًا ما قد اختفى ، و حل مكانه الفراغ، وقد مرت بعض الأسابيع، و لم ينتبه لمساحة الفراغ التي تتسع 

لم يشعر بأنه بحاجة إلى إخبارها بذلك ،ولم يشعر بأنه بحاجة إلى زيارة طبيب أو استشارة أي أحد.فهو عالج المشكلة بأنه لم يعتبرها مشكلة من الأساس، فما قام به منذ ظهور المشكلة هو النظر إلى الأجزاء الباقية من الوجة، وجرت الأمور طبيعية حتى قبل أسابيع، فقد انتابه بعض القلق وهو ينظر إلى وجهها، وقد اختفى البؤبؤ من حدقة العين، في حين لم تلحظ زوجته أي تصرفات غريبة على زوجها.


لكن لماذا فكر بالاعتراف اليوم بما يمر به ؟! لأنه لم يبقَ من ملامح زوجته إلا نتف صغيرة ،وبعدها يختفي هذا الوجه كلياً.


قطع تدفق أفكاره سقوط زجاجة العطر من على طاولة المكياج بعدما ارتطمت بيد زوجته. 


الزوجة : ألم أخبرك بأنني بحاجة إلى طاولة مكياج جديدة ؟

الزوج : هل بحثتِ في اليوتيوب عن طاولة جيدة ؟

الزوجة وهي تكمل وضع المساحيق : قنوات اليوتيوب مجرد أدوات تسويقية فارغة من يطلب من الفراغ الفائدة ؟!


 تصاعد توتر الزوج حين سمع كلمة " الفراغ " وفي محاولة لتشتيت هذا القلق , أخذ بالنظر إلى زجاجة العطر الساقطة على الأرض، وصار يقول لنفسه: هذا العطر ماركة والماركات عملية تسويقية .. ثم انتقلت عيناه إلى طاولة المكياج : " هذه الفرش الخاصة بكريم الأساس ماركة .. هذه الماسكرا ماركة .. هذا الآيلاينر ماركة .."

حجب ظهر زوجته بقية الطاولة  ، وصار يتأمل هذا الجسد الذي بدأ يفقد رأسه، حتى سقطت عيناه على خصرها وصار يقول لنفسه : " ياه ما هذا الخصر القبيح كأنه فطر عملاق أو بطيخة ! .. ولكن كيف ذلك ؟ هل زاد وزنها ؟ لا أنا أشتري لها ثيابًا أسبوعية ومقاسها لم يتغير " 

فكر برهة في تلك الأموال التي يدفعها على مساحيق التجميل والملابس، مع أن راتب زوجته يفوق راتبها، لكنها أكدت عليه في مرات عديدة بأن وظيفة الرجل هو الإنفاق على المنزل 

تبدلت مشاعر القلق عند الزوج إلى مشاعر الغضب : " كيف أصبح المكياج والثياب الأسبوعي ضمن مفهوم المنزل؟ وكيف أصبح المنزل ضمن مفاهيم الرجولة؟ وكيف صارت مساحيق التجميل لا تنافي الرجولة؟ وكيف .. وكيف صار هذا الخصر بهذا القبح ولم يكن كذلك في بداية الزواج؟ هل أعماني عن ذلك أفكار مثل بناء الأسرة، التقرب إلى الله،  صوت والدها : زوجتك ابنتي " ! 


انتبهت الزوجة لانفعال زوجها وترديدها بعض الكلمات بشكل عشوائي 

الزوجة : ما بك ؟ 

صمت الزوج  وهو يحدق بغضب تجاه خصر زوجته 

الزوجة : إلى ما تنظر ؟


نظر الزوج إلى وجه زوجته، و شعر بالخوف، ثم قال لها بما يشبه الاعتراف : " لا شيء " !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق