داعب النعاس جفنيه , احساسه كأنو يطفو فوق الماء لكن رأسه يفقد التوازن , ينظر لهاتفه وهو يرمش بقوة , يبث في نفسه وميض من الذكريات بأنه قد يفصل اذا سقط في حفرة النوم .. فلم تمضِ الا اسابيع قليلة على حراسته لهذه العمارة , القى نظرة على من يتابعهم في الانستقرام , وذهب لصفحة فتاة جميلة دائما ما يشارك عندها , أملاً في ان تتابعه على الاقل او يحادثها بشكل خاص , لا لاجل شيء سوى لذة عاطفية واحساس ان هناك ما يملأ حياته الملغومة بالعمل و النعاس واخبار كرة القدم ..
دخل على موضوعها الاخير لينظر لباقي التعليقات على ما كتبته " ان الامل والمحاولة اليد التي تدفعك نحو النجاح " ..
ابتسم لنافقه ومن سخافة هذا العالم , لكنه لم يجد تعليقا جديدا , مال رأسه على اليمين قليلا , كان هناك من يهمس برأسه : تنفس ببطئ استسلم لهذا الذوبان , وان طردوك !
هناك همسٌ جديد : يا سعيد سيسقط ما تبقى من عزة نفسك اذا طردوك انت بحاجة الى المال ! على الاقل فكر في امن سكان العمارة ! فكر قليلاً بأن المرأة الجميلة التي تسكن في الدور الخامس قد يأتي من يحاول اقتحام بيتها , اين نبلك يا سعيد ؟
رمش بقوة وفكر في تلك المرأة ماذا لو تزوجها ؟ نعم هي تختلف عنه بالطبقة والدرجة المالية لكنهما يشتركان في الغربة والوحدة ويفترقان بالمال والسؤال , فهو لم يجد طريقة كي يجرؤ ويسألها لِم انتِ وحيدة ..
في هذه الاثناء دخل العمارة شابٌ وجلس على الكرسي وهو منهمكٌ باستخدام هاتفه
قال سعيد من هذا وماذا يريد؟ .. فكر قليلا بأن يذهب ويسأله لكنه خاف من ردت الفعل , ففي هذا البلد القوي معه كل شيء او لعل هذا الشاب احد ابناء صاحب العمارة او رفيق لابن صاحب العمارة او يريد ان يستأجر من هنا او .. حسنا لماذا هذا الشاب يرتدي هذه النظارة الليلية ونحن مقبولون على الفجر ؟!
- يبدو انني رأيته من قبل , يبدو انني رأيته قبل ايام وهو يسارع بالدخول بعد ان رأى المرأة التي تسكن الدور الخامس !!
لا يبدو عليه العدوانية وكذلك لا يبدو عليه الطيبة ,, هل حقاً رأيته من قبل ؟!
اشتعل جزءٌ من ذات سعيد , خرج من داخله خياله وهو طفل قد وبخه الاستاذ يوماً قائلاً اشعر انك من اظهر هذا الصوت فملامحك لا تبدو عليها الطيبة !
انقسم جزءٌ اخر فتذكر جده وهو يقول له سعيد وجهك يظهر انك من فعلت المصيبة وهو لم يفعلها
ولكن جزء اخر قد ظهر يتذكر بأنه كان يعرف المهتمين بالدراسة من خلال ملامحهم والعشاق ايضا
انقسم سعيد بين معاني حسن الظن وسوء الظن واحساسه بالغضب تارةً فتظهر له ان الغضب في يوم من الايام جعل والده يكسر لعبته المفضلة .. لماذا لا يرسل رسالة خاصة للفتاة التي كان يتابعها لتخبره ماذا تفعل وجودها سيشعره بالشروق والنهوض .. حسنا حسنا سأكلمه بدلوماسية .. تذكر منزل صديقه امام الدبلوماسية, الدبلوماسية ؟ التي لم يعرف معناها .. حسنا سأطلب منه ان يشعل سيجارتي.. تحسس سعيد جيبه ونظر لزوايا الطاولة وتذكر انه لا يدخن .. طيب لماذا لا يتفق مع هذا الشاب على ان يساعده في اغتصاب تلك المرأة التي تسكن الدور الرابع او الخامس على ان يقتلها ويسرق مجوهراتها .. نعم – قال سعيد لنفسه – علينا ان نقتل هؤلاء الناس لانه لا يفكرون ابدا في سعادة غيرهم ..
تشابكت حول سعيد ادخنة ملونة : هو مع نفسه مع مع كل شيء مع نمرود والفجر والاصدقاء واصاباته المتكررة في لعب كرة القدم ولكنه ابصر حقيقة الطاولة التي امامه ورأى فيها كل ما فقده : من شهادة ووطن واسرة واصدقاء ومعنى من هذه الحياة .. ظهرت له يدٌ تشبه يد المرأة التي يتابعها في الاسنتقرام , و ان اظافرٌ ملونة كالادخنة حوله , و انها تتشابه كاظافر المرأة التي تسكن الدور الخامس او الثالث او الثاني ولكن السوار كان يشبه سوار التي كانت ترتديه والدته
لمست هذه اليد رأس سعيد وانزلته برفق على الطاولة ..
نهض بعد دقائق ذلك الشاب الغريب والقى نظرة ولم يجد الا اكتاف سعيد وهي تتحرك ببطئ , ثم نظر مرة اخرى نحو هاتفه ورحل من العمارة .
انتهى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق